اجعل حياتك الطبية سهلة وممتعة

اجعل حياتك الطبية سهلة وممتعة

عندما تلعب لعبة الفيديو المفضلة لديك فإنك تستمتع بها ولا تهتم أبدا بالوصول إلى النهاية، ولن تحبطك العقبات والتحديات أثناء اللعب، بل كلما زادت الصعوبة كانت اللعبة أكثر متعة! وبعد ختم اللعبة فإنك ستنتظر الإصدار الجديد منها بفارغ الصبر.

لماذا لا أعيش حياتي الطبية بهذا التوجه الممتع؟

رحلة الطب طويلة لا تنتهي وعملية التعلم واكتساب الخبرة مستمرة طوال حياتك، فمن الحماقة إذا السعي للوصول إلى النهاية. 

جرب أن تلعب لعبة فيديو بهدف ختمها فقط، ستشعر بالملل ولن تستمتع بتأمل جمال المدن الجديدة التي تزورها أو أن تفتح الحجرات السرية لتحصل على الكنوز المخبأة هناك، حتى أنك ستتخطى مشاهد اللعبة القصصية لأنك في عجلة فكل ما تريده هو إنهاء اللعبة بأسرع وقت ممكن.                                 ولكن ما الفائدة إذا ختمت اللعبة وحصلت على لقب استشاري لعبة X وأنت لم تستمتع بها؟!

ما الذي يجعلني أهتم فقط بالوصول إلى النهاية؟

إن المجتمع والبيئة المحيطة تربط التميز والنجاح بالوصول إلى القمة وليس بالصعود، لهذا لن تنال التقدير والاعتراف إلا بعد تخرجك من كلية الطب أو حصولك على لقب الاستشاري وهذا ظلم لك لأنك ستتعرض لضغوط خارجية تجبرك على التركيز في النجاح الوهمي المتمثل في أعلى القمة.

ولكنك في النهاية أنت السبب في ذلك!

لن تستطيع تغيير منظور الآخرين حول النجاح. إن مسؤوليتك هي فقط تغيير توجهك وتجاهل توقعات الآخرين منك. وتذكر أن الألقاب لا معنى لها في الحقيقة، فمجرد أن تتخرج وتصبح طبيبا أو استشاريا لا يعني أنك تعرف كل شيء. 

كيف أستطيع الاستمتاع بحياتي الطبية؟

إن تركيزك على الوصول للنهاية سيمنعك من تقدير جهودك الحالية وانجازاتك السابقة، فأنت تنظر فقط إلى ما تبقى من طريق الرحلة (وسيبقى طويلا إلى ما لا نهاية) وتركز على ما لا تعرفه وعلى ما لا تستطيع القيام به وبالتالي ستضعف ثقتك بنفسك.

عندما تعلمت استخدام Doppler US لأول مرة لم أشعر بطعم الانجاز. وفي يوم من الأيام في احدى مناوبات الطوارئ أتى مريض لديه كسر في الكاحل ولم نستطع أنا وزميلي المناوب الاحساس بنبض شريان القدم أثناء الفحص فأحضر زميلي الـ Doppler ولاحظت أنه أخطأ في استخدام الـ probe حيث جعله بشكل عمودي، فقمت بتوجيهه بزاوية حتى استطعنا سماع النبض. حينها شعرت بسعادة لا توصف وأدركت أهمية المهارة التي تعلمتها.

فعلينا أن نقدر هذه المهارات وإن كانت سهلة وروتينية فالرحلة طويلة، وإذا كنت فقط تطمح بأن تصبح استشاريا أو جراحا ماهرا وتقارن وضعك الآن ستصاب بالإحباط.

تذكرت الاقتباس الرائع من كتاب “The One Thing” 

Since there is always another level to learn, mastery actually means you’re a master of what you know and an apprentice of what you don’t 

فأنت طالب ومتعلم مدى الحياة ولكن في نفس الوقت أنت خبير ومحترف في المهارات التي اكتسبتها.  وبهذا التوجه لن تضطر للانتظار سنوات طويلة حتى تعترف بنفسك بل تستطيع أن تصبح استشاريا في يوم واحد! فكل ما عليك هو أن تتقن مهارة واحدة وتقدرها وتشعر بالامتنان على قدرتك على التعلم.

فبدل أن تنتظر السعادة المتوقعة عند وصولك للنهاية، استمتع بهذه السعادة بجرعات صغيرة متواصلة خلال رحلتك. 

كيف تترجم هذا التوجه على أرض الواقع في حياتك الطبية؟

سجل كل ما تعلمته من المعارف أو المهارات خلال رحلتك في مذكرة خاصة وحدثها باستمرار..

I’m master of collar & cuff sling

I’m master of crepe bandage

……

حتى أبسط المهارات التي تظنها تافهة سجلها، ثم بعد ذلك تتدرج وتكتسب مهارات أعلى في المستوى.

I’m master of shoulder dislocation reduction

 

I’m master of pulled elbow reduction

 

……

 

 

وهكذا ستتابع تقدمك وتحتفل بإنجازاتك الصغيرة وتشعر بالامتنان الأمر الذي سيجعلك متحمسا في طلب المزيد من العلم واكتساب مهارات جديدة.

إشتراك
نبّهني عن

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
 
Send this to a friend